إن ما تتسبب فيه حضارة اليوم، من تدمير خصائص الإنسان، وتحويله إلى آلة وحيوان، والجهل المطبق الذي يمر به الإنسان، على الرغم من التقدم المادي، والعلاقة بين جنسي الرجل والمرأة وما بها من تخبُّط، وما حدث في النظم الاجتماعية والاقتصادية من اضطراب، يحتاج إلى نظام شامل يعالج كل هذا التخبط. يلاحظ (سيد قطب ) هذا التخبط، ويقترح الحل الإسلامي في مواجهة أثر الحضارة الحديثة على نفوس البشر، وكيفية التخلص من هذه الأعباء التي جلبتها الحضارة المادية.
الحياة الإنسانية - كما هي سائرة اليوم - لا يمكن أن تستمر في طريقها هذا، ولا بد لها من تغيير أساسي في القاعدة التي تقوم عليها، تغيير يعصمها من تدمير الإنسان ذاته، بتدمير خصائصه الأساسية؛ فالحياة الإنسانية لا تستطيع أن تبقى إذا ما دُمِّرَت خصائص الإنسان. وخط الحياة الحالي يمضي يومًا بعد يوم في تدمير خصائص الإنسان، وتحويله إلى آلة من ناحية، وإلى حيوان من ناحية أخرى. وإذا كان هذا الخط لم يصل إلى نهايته بعد، فالذي ظهر منه حتى اليوم، يقول بتناقص الخصائص الإنسانية وضمورها وتراجعها، وهذا يكفي لتقرير أن خط الحياة يمضي يومًا بعد يوم في تدمير خصائص الإنسان. والأمل في رحمة الله يمنع من توقع هذا المصير البائس، ويوجه توقعاتنا إلى ناحية أخرى، ناحية تجنب الإنسانية - بفطرتها - لهذا المصير البائس، بالتحول عن طريق الخطر في الوقت المناسب، واختيار خط آخر وطريق آخر. وفي كل مرة كانت الحياة الإنسانية والخصائص الإنسانية مهددة تهديدًا مدمرًا، وقع التحول، وتجنبت البشرية ذلك الدمار الإنساني. أما في هذه المرة؛ فالتهديد أشد من كل ما عرفته البشرية من قبل من كل أنواع التهديدات.
وكان الكثيرون قد عقدوا آمالهم في هذا التغيير على الماركسية – التي تقوم على المادة، وعلى التفسير الاقتصادي للتاريخ –، ولكن هذا لم يكن إلا وهمًا؛ فالماركسية لا تمثّل إلا دَفْعة في خط الدمار ذاته. ونحن إذا نظرنا في الماضي والحاضر وفي المستقبل؛ لا نجد الحل المقترح لتجنيب البشرية ذلك الدمار، وللخروج من هذه الأزمة، إلا في التصور الإسلامي، ومن ثم نعتقد أن قيام المجتمع الإسلامي ضرورة إنسانية، وأنه إذا لم يقم اليوم سيقوم غدًا، وإذا لم يقم هنا فسيقوم هناك؛ ليعصم البشرية من تدمير الإنسان.
إن الحضارة الإنسانية إذا ما استمرت على ما هي عليه الآن، فإن نهايتها ستكون الدمار، وذلك راجع إلى الأسباب الأتية:
جهلنا المطبق بالإنسان - على الرغم من سعة علمنا نسبيًا بالمادة -، ومن ثم عدم استطاعتنا أن نضع له من عند أنفسنا نظامًا شاملًا لجوانب حياته كلها، ويتناسب مع طبيعته وخصائصه، ويحتفظ بها جميعًا في حالة تجدد ونمو.
تخبط الحياة البشرية لقيامها على أساس من هذا الجهل، منذ افتراق طريقها عن المنهج الذي وضعه للإنسان خالقه الحكيم. هذا المنهج الذي يراعي حاجاته الفطرية الحقيقية الكاملة، وتنمية خصائصه وترقيتها كذلك؛ حتى تتكافأ مع الدور المقسوم لهذا الكائن في الخلافة في الأرض.
قيام حضارة مادية لا تلائم الإنسان، ولا تحترم خصائصه، وتعامله بمقاييس الآلة، وبالمقاييس الحيوانية، التي أمكن دراستها في عالم الحيوان.
بروز آثار هذه الحضارة وتضخمها في الأمم التي وصلت إلى قمة الحضارة المادية، وسارت شوطًا بعيدًا في تطبيق المنهج الآلي الحيواني على الحياة الإنسانية، بدون اعتبار للخصائص الإنسانية الأصيلة، التي تَفْرُقُ الإنسان عن الآلة وعن الحيوان، وظهور مؤشرات مفزعة، تنذر بما وراءها من الدمار.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان